التمويل المفتوح هو آلية مثالية لتسهيل دخول السوق في المنطقة
تشهد منطقة الشرق الأوسط حقبة تحول في المشهد المصرفي، مدفوعةً بارتفاع عدد السكان الذين يتمتعون بإمكانية التعامل المصرفي والابتكارات في مجال التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية الرقمية. فمع معدل انتشار الخدمات المصرفية الذي يزيد عن 80% في دول مجلس التعاون الخليجي، تفتخر المنطقة بأنها تضم أكبر عدد من السكان الذين لديهم حسابات مصرفية في العالم. وبينما يوفر ذلك أساساً متيناً ومزدهراً للمؤسسات المالية، إلا أن صعود التكنولوجيا المالية والخدمات المصرفية الرقمية يعكس أيضاً مشهداً تنافسياً بالغ الأهمية.
تشير البيانات الحديثة إلى مسار تصاعدي في عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية في المنطقة، حيث يوجد أكثر من 2600 شركة تكنولوجيا مالية في الإمارات العربية المتحدة. ويؤدي هذا النمو، إلى جانب تزايد عدد البنوك الرقمية، إلى زيادة سخونة المشهد التنافسي. في الواقع، يمر القطاع المالي الآن بمرحلة حرجة تُجبر البنوك التقليدية على إعادة التفكير في استراتيجيات النمو وتدفقات الإيرادات.
تحدي نمو الإيرادات
تواجه البنوك في الشرق الأوسط تحديات مختلفة عند محاولتها زيادة إيراداتها، خاصة وأن المنتجات المصرفية التقليدية، التي تعاني من التشبع التنظيمي والمنافسة في السوق، توفر سبلاً محدودة للنمو. ومن بين التحديات الأخرى الارتفاع المفاجئ في توقعات العملاء المدفوعة باعتماد الخدمات الرقمية التي تتطلب خدمات مالية سلسة.
تتمثل إحدى الطرق الاستراتيجية للبنوك لتوسيع آفاقها في دخول أسواق جديدة واكتشاف فرص جديدة للإيرادات من خلال العروض المبتكرة. ومع ذلك، فإن تطوير منتجات وخدمات جديدة غالباً ما يتطلب استثمارات ضخمة وينطوي على مخاطر إطالة الوقت اللازم للوصول إلى السوق في قطاع مالي سريع التطور.
التحول الاستراتيجي نحو التمويل المفتوح
للتغلب على تحدي نمو الإيرادات، تتبنى البنوك في الشرق الأوسط بشكل متزايد التمويل المفتوح. من خلال الشراكة مع مزودي الخدمات من الأطراف الثالثة - بما في ذلك شركات التكنولوجيا المالية ومنصات التجارة الإلكترونية ووكالات الاتصالات - بدعم من واجهات برمجة التطبيقات، يمكن للبنوك الوصول إلى حلول مبتكرة وتجنب التعطيل الداخلي والتكاليف الضخمة.
يفتح التمويل المفتوح الباب أمام البنوك لإنشاء نقاط اتصال جديدة مع العملاء، وتنويع عروضها والتكامل مع الخدمات الخارجية دون المساس بالسيطرة على البيانات والعمليات. كما أنه يوفر فرصة كبيرة للنمو مع تقليل الحاجة إلى الاستثمار في بناء خدمات جديدة من الصفر.
ثلاث منظومات بيئية يمكن أن تخلق فرصاً جديدة
- النظام البيئي للسوق
يجسد السوق مفهوم التمويل المفتوح حقًا، حيث يمكن للبنوك استضافة منتجات مالية من طرف ثالث إلى جانب منتجاتها الخاصة، وبالتالي إثراء تجربة العميل بمجموعة أكثر تنوعًا من الخدمات. بالنسبة للعملاء، يعني ذلك إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات المالية التي تتراوح من التأمين إلى حلول الاستثمار في مكان واحد. وبالنسبة للبنوك، يعني ذلك زيادة خيارات العملاء ومشاركتهم وتعزيز ولائهم وتبادل المعاملات.
- النظام البيئي للإحالة
نظام الإحالة هو وسيلة فعالة أخرى لتوليد الإيرادات. تستفيد البنوك من إحالة العملاء إلى شركائها المعتمدين للحصول على خدمات غير مصرفية. فبينما يحصل البنك على رسوم الإحالة، يتمتع العملاء بحزمة أكثر شمولاً من الخدمات مباشرةً من مقدم الخدمات المصرفية الموثوق به.
- النظام البيئي للطرف الثالث
وأخيراً، تعمل منظومة الأطراف الثالثة على تعزيز المشهد، حيث تقوم البنوك بدمج الخدمات الخارجية في منصاتها. يجني العملاء مجموعة من المزايا من ذلك، مثل الاتصالات المجمعة مع الخدمات المصرفية، مما يعزز القيمة المقترحة ويفتح تدفقات إيرادات جديدة من خلال الاشتراك أو مخططات الإيرادات المشتركة.
الدعم الحكومي والدفع نحو التحول الرقمي
إن التوجه نحو التمويل المفتوح في الشرق الأوسط ليس مجرد ظاهرة يحركها السوق، بل هو تحول قوي تدعمه المبادرات الحكومية. تدعو البلدان في جميع أنحاء المنطقة إلى التحول الرقمي في القطاع المصرفي، وهو ما تؤكده مبادرات مثل رؤية السعودية 2030 واستراتيجية الإمارات العربية المتحدة للبلوك تشين. تعزز هذه المبادرات الثقة في التمويل المفتوح وتؤكد أهمية أن تأخذ البنوك زمام المبادرة لتبني استراتيجيات ذكية واستشرافية في العصر الرقمي. ومع تغير الأطر التنظيمية لصالح الخدمات المصرفية المفتوحة، فإن الساحة مهيأة للبنوك لتكوين شراكات استراتيجية والاستفادة من التمويل المفتوح لصالحها.
تسريع التبني من خلال منصات المشاركة الرقمية
في مشهد الأعمال الرقمي للغاية اليوم، أصبحت منصات المشاركة مهيأة للتمويل المفتوح، حيث تقود الأسواق الواعدة اعتماد التمويل المفتوح. تعمل حلول المنصات الرقمية هذه، مثل iGCB، كحلول منصة iGCB، كحلقات وصل محورية بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية والعملاء، حيث تقدم تحليلات في الوقت الحقيقي، وإدارة علاقات العملاء وأدوات تواصل محسنة، مما يمكّن البنوك من تقديم خدمات مصرفية متكاملة تتراوح بين الاتصالات والفواتير الحكومية والمرافق والتأمين وغيرها، لتلبية جميع متطلبات العملاء.
ومع ذلك، عند الاستفادة من التمويل المفتوح، يجب على البنوك أن تضع في اعتبارها أهمية إقامة شراكات استراتيجية، ووضع مؤشرات أداء رئيسية واضحة وأنظمة إدارة أداء سلسة، ومعالجة مخاوف الأمن السيبراني. سيؤدي التعاون مع مزودي التكنولوجيا الخبراء مثل iGCB لتمكين مشهد المشاركة الرقمية المزدهرة المدعومة بالتمويل المفتوح في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا إلى تسريع التنفيذ مع ضمان الأمن.
الخاتمة
تواجه البنوك في الشرق الأوسط تحديات مزدوجة تتمثل في المنافسة في مجال التكنولوجيا المالية ونمو الإيرادات. ولذلك، فإن اعتماد منصات المشاركة المفتوحة التي تدعم التمويل المفتوح هو ضرورة استراتيجية. من خلال الاستفادة من هذه المنظومة التعاونية والمبادرات الحكومية لتسريع التحول الرقمي في القطاع المالي، يمكن للبنوك الاستفادة من واجهات برمجة التطبيقات الخاصة بها لتحقيق الدخل بشكل فعال، وتقديم عروض جديدة، واختراق قطاعات السوق غير المستغلة.
المصدر: https: //entrepreneuralarabiya.com